فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

{يا أيُّها الّذِين آمنُوا لا تُلْهِكُمْ أمْوالُكُمْ ولا أوْلادُكُمْ عنْ ذِكْرِ اللّهِ}
حذّر المؤمنين أخلاق المنافقين؛ أي لا تشتغلوا بأموالكم كما فعل المنافقون إذ قالوا للشُّح بأموالهم: {لا تُنْفِقُوا} على من عند رسول الله.
{عن ذِكْرِ الله} أي عن الحج والزكاة.
وقيل: عن قراءة القرآن.
وقيل: عن إدامة الذكر.
وقيل: عن الصلوات الخمس؛ قاله الضحاك.
وقال الحسن: جميع الفرائض؛ كأنه قال عن طاعة الله.
وقيل: هو خطاب للمنافقين؛ أي آمنتم بالقول فآمنوا بالقلب.
{ومن يفْعلْ ذلِك} أي من يشتغل بالمال والولد عن طاعة ربه {فأولئك هُمُ الخاسرون}.
{وأنْفِقُوا مِنْ ما رزقْناكُمْ مِنْ قبْلِ أنْ يأْتِي أحدكُمُ الْموْتُ} فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وأنفِقُواْ مِن مّا رزقْناكُمْ مِّن قبْلِ أن يأْتِي أحدكُمُ الموت} يدل على وجوب تعجيل أداء الزكاة، ولا يجوز تأخيرها أصلا.
وكذلك سائر العبادات إذا تعين وقتها.
الثانية: قوله تعالى: {فيقول ربِّ لولا أخرتني إلى أجلٍ قرِيبٍ فأصّدّق وأكُن مِّن الصالحين} سأل الرجعة إلى الدنيا ليعمل صالحا.
وروى الترمذي عن الضحاك بن مُزاحم عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلِّغه حجّ بيت ربّه أو تجب عليه فيه زكاة فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت.
فقال رجل: يا بن عباس، اتق الله، إنما سأل الرجعة الكفارُ.
فقال: سأتلو عليك بذلك قرآنا {يا أيها الذين آمنُواْ لا تُلْهِكُمْ أمْوالُكُمْ ولا أوْلادُكُمْ عن ذِكْرِ الله ومن يفْعلْ ذلِك فأولئك هُمُ الخاسرون وأنفِقُواْ مِن مّا رزقْناكُمْ مِّن قبْلِ أن يأْتِي أحدكُمُ الموت فيقول ربِّ لولا أخرتني إلى أجلٍ قرِيبٍ فأصّدّق وأكُن مِّن الصالحين}.
إلى قوله: {والله خبِيرٌ بِما تعْملُون} قال: فما يوجب الزكاة؟ قال: إذا بلغ المال مائتين فصاعدا.
قال: فما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة.
(قلت): ذكره الحلِيمِيّ أبو عبد الله الحسين بن الحسن في كتاب (مِنهاج الدِّين) مرفوعا فقال: وقال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان عنده مال يبلّغه الحج» الحديث؛ فذكره. وقد تقدم في (آل عمران) لفظه.
الثالثة: قال ابن العربِيّ: أخذ ابن عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصّة دون النفل؛ فأما تفسيره بالزكاة فصحيح كله عموما وتقديرا بالمائتين.
وأما القول في الحج ففيه إشكال؛ لأنّا إن قلنا: إن الحج على التراخي ففي المعصية في الموت قبل الحج خلاف بين العلماء؛ فلا تُخرّج الآية عليه.
وإن قلنا: إن الحج على الفور فالآية في العموم صحيح؛ لأن من وجب عليه الحج فلم يؤدّه لقي من الله ما يودّ أنه رجع ليأتي بما ترك من العبادات.
وأما تقدير الأمر بالزاد والراحلة ففي ذلك خلاف مشهور بين العلماء.
وليس لكلام ابن عباس فيه مدخل؛ لأجل أن الرجعة والوعيد لا يدخل في المسائل المجتهد فيها ولا المختلف عليها، وإنما يدخل في المتفق عليه.
والصحيح تناوله للواجب من الإنفاق كيف تصرف بالإجماع أو بنص القرآن؛ لأجل أن ما عدا ذلك لا يتطرق إليه تحقيق الوعيد.
الرابعة: قوله تعالى: {لولا} أي هلاّ؛ فيكون استفهاما.
وقيل: {لا} صلة؛ فيكون الكلام بمعنى التمني.
{فأصّدّق} نصب على جواب التمني بالفاء.
{وأكُن} عطف على {فأصّدّق} وهي قراءة أبي عمرو وابن مُحيْصِن ومجاهد.
وقرأ الباقون {وأكُنْ} بالجزم عطفا على موضع الفاء؛ لأن قوله: {فأصّدّق} لو لم تكن الفاء لكان مجزوما؛ أي أصدق.
ومثله: {من يُضْلِلِ الله فلا هادِي لهُ ويذرُهُمْ} [الأعراف: 186] فيمن جزم.
قال ابن عباس: هذه الآية أشدّ على أهل التوحيد؛ لأنه لا يتمنّى الرجوع في الدنيا أو التأخير فيها أحد له عند الله خير في الآخرة.
قلت: إلا الشهيد فإنه يتمنّى الرجوع حتى يقتل، لما يرى من الكرامة.
{والله خبِيرٌ بِما تعْملُون} من خير وشر، وقراءة العامة بالتاء على الخطاب، وقرأ أبو بكر عن عاصم والسُّلميّ بالياء؛ على الخبر عمن مات وقال هذه المقالة.
تمت السورة بحمد الله وعونه. اهـ.

.قال الألوسي:

{يا أيها الذين ءامنُواْ لا تُلْهِكُمْ أموالكم ولا أولادكم عن ذِكْرِ الله} أي لا يشغلكم الاهتمام بتدبير أمورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكر الله عز وجل من الصلاة وسائر العبادات المذكرة للمعبود الحق جل شأنه فذكر الله تعالى مجاز عن مطلق العبادة كما يقتضيه كلام الحسن وجماعة، والعلاقة السببية لأن العبادة سبب لذكره سبحانه وهو المقصود في الحقيقة منها.
وفي رواية عن الحسن أن المراد به جميع الفرائض، وقال الضحاك.
وعطاء: الذكر هنا الصلاة المكتوبة، وقال الكلبي: الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل: القرآن، والعموم أولى، ويفهم كلام الكشاف أن المراد بالأموال والأولاد الدنيا، وعبر بهما عنها لكونهما أرغب الأشياء منها قال الله تعالى: {المال والبنون زِينةُ الحياة الدنيا} [الكهف: 46] فإذا أريد بذكر الله العموم يؤول المعنى إلى لا تشغلنكم الدنيا عن الدين، والمراد بنهي الأموال وما بعدها نهى المخاطبين وإنما وجه إليها للمبالغة لأنها لقوة تسببها للهو وشدة مدخليتها فيه جعلت كأنها لاهية، وقد نهيت عن اللهو فالأصل لا تلهوا بأموالكم الخ، فالتجوز في الإسناد، وقيل: إنه تجوز بالسبب عن المسبب كقوله تعالى: {فلا يكُن في صدْرِك حرجٌ} [الأعراف: 2] أي لا تكونوا بحيث تلهيكم أموالكم إلخ.
{ومن يفْعلْ ذلك} أي اللهو بها وهو الشغل، وهذا أبلغ مما لو قيل: ومن تلهه تلك {فأُوْلئِك هُمُ الخاسرون} حيث باعوا العظيم الباقي بالحقير الفاني، وفي التعريف بالإشارة والحصر للخسران فيهم، وفي تكرير الإسناد وتوسيط ضمير الفصل ما لا يخفى من المبالغة، وكأنه لما نهى المنافقون عن الانفاق على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأريد الحث على الانفاق جعل قوله تعالى: {ذلِك بِأنّ الذين كفرُواْ} إلخ تمهيدا وتوطئة للأمر بالانفاق لكن على وجه العموم في قوله سبحانه: {وأنفِقُواْ مِن مّا رزقناكم} أي بعض ما أعطيناكم وتفضلنا به عليكم من الأموال ادخارا للآخرة {مّن قبْلِ أن يأْتِى أحدكُمُ الموت} أي أماراته ومقدماته فالكلام على تقدير مضاف ولذا فرع على ذلك قوله تعالى: {ربّ لوْلا أخّرْتنِى} أي أمهلتني {إلى أجلٍ قرِيبٍ} أي أمد قصير {فأصّدّق} أي فأتصدق، وبذلك قرأ أبي وعبد الله وابن جبير، ونصب الفعل في جواب التمني والجزم في قوله سبحانه: {وأكُن مّن الصالحين} بالعطف على موضع {فأصّدّق} كأنه قيل: إن أخرتني أصدّق وأكن، وإلى هذا ذهب أبو علي الفارسي والزجاج، وحكى سيبويه عن الخليل أنه على توهم الشرط الذي يدل عليه التمني لأن الشرط غير ظاهر ولا يقدر حتى يعتبر العطف على الموضع كما في قوله تعالى: {من يُضْلِلِ الله فلا هادِي لهُ} [الأعراف: 186] {ويذرهم} فيمن قرأ بالجزم وهو حسن بيد أن التعبير بالتوهم هنا ينشأ منه توهم قبيح، والفرق بين العطف على الموضع والعطف على التوهم أن العامل في العطف على الموضع موجود وأثره مفقود، والعامل في العطف على التوهم مفقود وأثره موجود، واستظهر أن الخلاف لفظي فمراد أبي علي والزجاج العطف على الموضع المتوهم أي المقدر إذ لا موضع هنا في التحقيق لكنهما فرا من قبح التعبير.
وقرأ الحسن، وابن جبير، وأبو رجاء، وابن أبي إسحق، ومالك بن دينار، والأعمش، وابن محيصن، وعبد الله بن الحسن العنبري، وأبو عمرو {وأكون} بالنصب وهو ظاهر، وقرأ عبيد بن عمير {وأكون} بالرفع على الاستئناف، والنحويون.
وأهل المعاني قدروا المبتدا في أمثال ذلك من أفعال المستأنفة، فيقال هنا: أي وأنا أكون ولا تراهم يهملون ذلك، ووجه بأن ذلك لأن الفعل لا يصلح للاستئناف مع الواو الاستئنافية كما هنا ولا بدونها، وتعقب بأنه لم يذهب إلى عدم صلاحيته لذلك أحد من النحاة وكأنه لهذا صرح العلامة التفتازاني بأن التزام التقدير مما لم يظهر له وجهه، وقيل: وجهه أن الاستئناف بالاسمية أظهر وهو كما ترى، وجوز كون الفعل على هذه القراءة مرفوعا بالعطف على أصدّق على نحو القولين السابقين في الجزم، هذا وعن الضحاك أنه قال في قوله تعالى: {وأنفِقُواْ مِمّا رزقناكم} يعني الزكاة والنفقة في الحج، وعليه قول ابن عباس فيما أخرج عنه ابن المنذر: {فأصّدّق} أزكى {وأكُن مّن الصالحين} أحج.
وأخرج الترمذي وابن جرير والطبراني وغيرهم عنه أيضا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه الزجاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت». فقال له رجل: يا ابن عباس اتق الله تعالى فإنما يسأل الرجعة الكفار فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآنا {يعْلمُون يا أيها الذين ءامنُواْ لا تُلْهِكُمْ أموالكم ولا أولادكم عن ذِكْرِ الله} [المنافقون: 9] إلى آخر السورة كذا في (الدر المنثور) وفي (أحكام القرآن) رواية الترمذي عنه ذلك موقوفا عليه، وحكى عنه في البحر.
وغيره أنه قال: إن الآية نزلت في مانع الزكاة، ووالله لو رأى خيرا لما سأل الرجعة، فقيل له: أما تتقي الله تعالى يسأل المؤمنون الكرة؟ا فأجاب بنحو ما ذكر، ولا يخفى أن الاعتراض عليه وكذا الجواب أوفق بكونه نفسه ادّعى سؤال الرجعة ولم يرفع الحديث بذلك، وإذا كان قوله تعالى: {لوْلا أخّرْتنِى} إلخ سؤالا للرجعة بمعنى الرجوع إلى الدنيا بعد الموت لم يحتج قوله تعالى: {مّن قبْلِ أن يأْتِى أحدكُمُ الموت} إلى تقدير مضاف كما سمعت آنفا.
{ولن يُؤخّر الله نفْسا} أي ولن يمهلها {إِذا جاء أجلُها} أي آخر عمرها أو انتهى الزمان الممتد لها من أول العمر إلى آخره على تفسير الأجل به {والله خبِيرٌ بِما تعْملُون} فمجاز عليه، وقرأ أبو بكر بالياء آخر الحروف ليوافق ما قبله في الغيبة ونفسا لكونها نكرة في سياق النفي في معنى الجمع، واستدل الكيا بقوله تعالى: {وأنْفِقُواْ} [المنافقون: 10] إلخ على وجوب إخراج الزكاة على الفور ومنع تأخيرها، ونسب للزمخشري أنه قال: ليس في الزجر عن التفريط في هذه الحقوق أعظم من ذلك فلا أحد يؤخر ذلك إلا ويجوز أن يأتيه الموت عن قريب فيلزمه التحرز الشديد عن هذا التفريط في كل وقت، وقد أبطل الله تعالى قول المجبرة من جهات: منها قوله تعالى: {وأنْفِقُواْ} [المنافقون: 10]، ومنها أنه إن كان قبل حضور الموت لم يقدر على الانفاق فكيف يتمنى تأخير الأجل، ومنها قوله تعالى مؤيسا له في الجواب: {ولن يُؤخّر الله} ولولا أنه مختار لأجيب باستواء التأخير والموت حين التمني، وأجيب بأن أهل الحق لا يقولون بالجبر فالبحث ساقط عنهم على أنه لا دلالة في الأول كما في سائر الأوامر كما حقق في موضعه، والتمني وهو متمسك الفريق لا يصح الاستدلال به، والقول المؤيس إبطال لتمنيهم لا جواب عنه إذ لا استحقاق لوضوح البطلان، والله تعالى أعلم. اهـ.

.قال الشوكاني:

{يا أيُّها الّذِين آمنُوا لا تُلْهِكُمْ أمْوالُكُمْ ولا أوْلادُكُمْ عنْ ذِكْرِ اللّهِ}
لما ذكر سبحانه قبائح المنافقين رجع إلى خطاب المؤمنين مرغبا لهم في ذكره فقال: {يا أيها الذين ءامنُواْ لا تُلْهِكُمْ أموالكم ولا أولادكم عن ذِكْرِ الله} فحذرهم عن أخلاق المنافقين الذين ألهتهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله، ومعنى {لا تُلْهِكُمْ}: لا تشغلكم، والمراد بالذكر: فرائض الإسلام، قاله الحسن.
وقال الضحاك: الصلوات الخمس، وقيل: قراءة القرآن، وقيل: هو خطاب للمنافقين، ووصفهم بالإيمان لكونهم آمنوا تظاهرا، والأوّل أولى.
{ومن يفْعلْ ذلك} أي: يلتهي بالدنيا عن الدين {فأُوْلئِك هُمُ الخاسرون} أي: الكاملون في الخسران.
{وأنفِقُواْ مِمّا رزقناكم} الظاهر أن المراد الإنفاق في الخير على عمومه، و{من} للتبعيض، أي: أنفقوا بعض ما رزقناكم في سبيل الخير، وقيل: المراد: الزكاة المفروضة {مّن قبْلِ أن يأْتِى أحدكُمُ الموت} بأن تنزل به أسبابه، ويشاهد حضور علاماته، وقدّم المفعول على الفاعل للاهتمام {فيقول ربّ لوْلا أخّرْتنِى إلى أجلٍ قرِيبٍ} أي: يقول عند نزول ما نزل به مناديا لربه: هلا أمهلتني وأخرت موتي إلى أجل قريب، أي: أمد قصير {فأصّدّق} أي: فأتصدّق بمالي {وأكُن مّن الصالحين} قرأ الجمهور: {فأصدّق} بادغام التاء في الصاد، وانتصابه على أنه جواب التمني، وقيل: إن {لا} في {لولا} زائدة، والأصل: لو أخرتني.
وقرأ أبيّ، وابن مسعود، وسعيد بن جبير {فأتصدّق} بدون إدغام على الأصل، وقرأ الجمهور: {وأكن} بالجزم على محل، {فأصدّق}، كأنه قيل: إن قيل: إن أخرتني أتصدّق وأكن.
قال الزجاج: معناه: هلا أخرتني؟ وجزم {أكن} على موضع {فأصدق}؛ لأنه على معنى: إن أخرتني {فأصدّق} وأكن.
وكذا قال أبو عليّ الفارسي، وابن عطية، وغيرهم.
وقال سيبويه حاكيا عن الخليل: إنه جزم على توهم الشرط الذي يدلّ عليه التمني، وجعل سيبويه هذا نظير قول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ** ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

فخفض، ولا سابق عطفا على مدرك الذي هو خبر ليس على توهم زيادة الباء فيه.
وقرأ أبو عمرو، وابن محيصن، ومجاهد: {وأكون} بالنصب عطفا على {فأصدّق}، ووجهها واضح.
ولكن قال أبو عبيد: رأيت في مصحف عثمان: {وأكن} بغير واو، وقرأ عبيد بن عمير: {وأكون} بالرفع على الاستئناف، أي: وأنا أكون.
قال الضحاك: لا ينزل بأحد الموت لم يحج ولم يؤدّ زكاة إلاّ سأل الرجعة، وقرأ هذه الآية؛ ثم أجاب الله سبحانه عن هذا المتمني فقال: {ولن يُؤخّر الله نفْسا إِذا جاء أجلُها} أي: إذا حضر أجلها وانقضى عمرها {والله خبِيرٌ بِما تعْملُون} لا يخفى عليه شيء منه، فهو مجازيكم بأعمالكم.
قرأ الجمهور: {تعملون} بالفوقية على الخطاب، وقرأ أبو بكر عن عاصم، والسلمي بالتحتية على الخبر.
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {يا أيها الذين ءامنُواْ لا تُلْهِكُمْ} الآية قال: «هم عباد من أمتي الصالحون منهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وعن الصلوات الخمس المفروضة» وأخرج عبد بن حميد، والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له مال يبلغه حجّ بيت الله، أو تجب عليه فيه الزكاة، فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت»، فقال رجل: يا ابن عباس اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكافر، فقال: سأتلو عليكم بذلك قرآنا {يأيها الذين آمنوا} إلى آخر السورة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {فأصّدّق وأكُن مّن الصالحين} قال: أحج. اهـ.